توماس أديسون.. أبو الاختراعات أم سارقها؟!

 توماس أديسون.. هل هو مخترع عبقري أم رجل أعمال ناجح؟ هل هو رائد في مجال العلوم أم مبدع في مجال الفنون؟ الحقيقة هي أن توماس أديسون كان كل هذا وأكثر. فهو شخصية فريدة من نوعها، قادرة على التأثير على العالم بطرق لا تحصى ولا تعد. في هذا المقال، سنتعرف على حياة هذا الرجل الاستثنائي وإنجازاته العظيمة، وسنكتشف كيف استطاع تغيير مجرى التاريخ بأفكاره وابتكاراته الرائعة.

توماس أديسون


من هو توماس أديسون؟

توماس ألفا إديسون هو مخترع ورجل أعمال أمريكي وُلد في 11 فبراير 1847م في مدينة ميلانو بولاية أوهايو الأمريكية. وهو الابن السابع والأخير لصموئيل ونانسي إديسون. كان والده ناشطاً سياسياً نفي من كندا إلى الولايات المتحدة، بينما كانت والدته معلمة بارعة، ولها أثر كبير في حياة أديسون العلمية.

حياة توماس أديسون الشخصية والمهنية

توماس أديسون كان مخترعاً ورجل أعمال أمريكياً ناجحاً. بدأ حياته العملية منذ نعومة أظافره، ومر بالعديد من التجارب العملية. في الثالثة عشر من عمره، استأذن والديه ليسمحا له بالعمل بائعاً للصحف والحلويات في محطة القطار المحلية. في عام 1869م انتقل أديسون إلى مدينة نيويورك، وتحوّل من عامل تليغراف إلى مخترع، فمن تلك اللحظة شرع جاهداً في العمل على الاختراعات المتعلقة بالتليغراف. جنى أديسون من اختراعاته الأولى ربحاً قدره 40 ألف دولار، واستغل هذه الأموال في إنشاء مختبر صغير ومنشأة تصنيع في نيو جيرسي لتطوير وتصنيع الأجهزة المتعلقة بالتليغراف.

 

تحديات توماس أديسون وصراعاته مع المخترعين الآخرين

لم تكن حياة توماس أديسون سهلة أو خالية من التحديات والصراعات، فقد واجه الكثير من المنافسين والخصوم في مجال الاختراع والابتكار. من أبرز هؤلاء كان نيكولا تسلا، الذي اختلف معه في رأيه حول نوع التيار الكهربائي المناسب لتوزيع الطاقة، فبينما كان أديسون يدعم التيار المستمر، كان تسلا يروج للتيار المتردد، وهذا أدى إلى حرب التيارات بين شركتيهما.

كما تعرض أديسون للانتقادات والدعاوي القضائية من بعض المخترعين الذين ادعوا أنه سرق أفكارهم أو استغل براءات اختراعهم دون إذن. من هؤلاء كان إيليشا غراي، الذي اخترع جهاز الهاتف قبل أديسون بساعات قليلة، ولكن أديسون سبقه في تسجيل البراءة. كما كان هنالك ألكسندر غراهام بيل، الذي اشتهر بابتكار الهاتف، ولكن أديسون حاول تحسينه بإضافة جهاز الإرسال الكربوني، مما أثار خلافات بينهما.

ولم يستسلم أديسون لهذه التحديات والصراعات، بل استمر في البحث والتجريب والابتكار، معتمداً على ذكائه وإصراره وشغفه بالعلم. وقد قال في إحدى المقابلات: "أنا لست عبقرياً، بل أنا شخص عادي يستخدم عقله".

صورة شخصية ل توماس أديسون


إنجازات توماس أديسون العلمية والتقنية

من بين أبرز المخترعين في التاريخ الحديث، يبرز اسم توماس أديسون، الذي ساهم بشكل كبير في تطوير العديد من الأجهزة والتقنيات التي غيرت وجه الحضارة الإنسانية. في هذه الفقرة، سنستعرض بعضاً من إنجازات توماس أديسون العلمية والتقنية، والتي تشمل:

- جهاز الفونوغراف: وهو أول جهاز قادر على تسجيل الصوت وإعادة تشغيله، وكان أول اختراع لأديسون عام 1877م، وأول رسالة سجلها هي "لدى ماري حمل صغير".

- المصباح الكهربائي: وهو جهاز يحول الطاقة الكهربائية إلى ضوء مرئي، وكان أديسون ليس أول من اخترعه، لكنه نجح في تحسينه بإضافة عازل داخل المصباح، واستخدام فتيلة من الخيزران المكربن، مما زاد عمر المصباح إلى 1200 ساعة متواصلة. وذلك عام 1879م.

- نظام توزيع الطاقة الكهربائية: وهو نظام يقوم بإنتاج ونقل وتوصيل الطاقة الكهربائية إلى المستهلكين، وكان أديسون أول من بنى محطة كهربائية تجارية في نيويورك عام 1882م، وأضاء بها 400 مصباح كهربائي.

- المنظار: وهو جهاز يستخدم لعرض صور متحركة على شاشة، وكان أديسون أول من اخترعه عام 1891م، بالتعاون مع ويليام كيندي لوري ديكسون. استخدم أديسون المنظار لإظهار أفلام قصيرة للجمهور.

 

أفكار توماس أديسون وأحلامه التي لم تتحقق

لم يكن توماس أديسون مجرد مخترع ناجح، بل كان أيضاً رائداً في البحث العلمي والتجارب المستمرة. كان لديه العديد من الأفكار والأحلام التي لم تتحقق في حياته، ولكنها أثرت على مجالات مختلفة من العلم والتكنولوجيا. من بين هذه الأفكار والأحلام نذكر:

- الطاقة الشمسية: كان أديسون مهتماً بالطاقة المتجددة، وخاصة الطاقة الشمسية. في عام 1913م، قال في مقابلة: "أعتقد أننا سنستخدم طاقة الشمس في المستقبل. لا يمكن أن يستمر الفحم والبترول إلى الأبد". كان يخطط لإنشاء مصنع لإنتاج خلايا شمسية، لكنه لم يتمكن من تحقيق هذا المشروع قبل وفاته.

- الروبوتات: كان أديسون مفتوناً بفكرة إنشاء آلات ذكية تستطيع أداء مهام معقدة. في عام 1898م، اخترع جهازاً يسمى "الإلكتروغراف" (Electrograph)، وهو عبارة عن دمية ميكانيكية تستجيب للإشارات الكهربائية. كان يطلق على هذه الدمية اسم "الصبي الميكانيكي" (Mechanical Boy)، وكان يعتبرها نوعاً من الروبوت. كان يأمل في تطوير هذه الدمية لتصبح قادرة على التحدث والغناء والرقص.

- المدينة المثالية: كان أديسون يحلم ببناء مدينة مثالية تستخدم أحدث التقنيات والابتكارات. في عام 1927م، بدأ في تنفيذ هذه الفكرة بشراء أرض في فلوريدا، والتعاون مع صديقه هنري فورد، المؤسس الشهير لشركة فورد للسيارات. كان يريد أن يجعل هذه المدينة نموذجاً للصناعة والزراعة والثقافة والتعليم. لكن هذا المشروع توقف بسبب انهيار سوق الأسهم في عام 1929م، واندلاع الحرب العالمية الثانية في عام 1939م.


إرث توماس أديسون وأثره على الأجيال اللاحقة

لم يمت توماس أديسون مع اختراعاته، بل ترك إرثا عظيما للبشرية وللأجيال اللاحقة. فقد ساهم في تطور العلم والتكنولوجيا بشكل كبير، وأثر في حياة الملايين من الناس بابتكاراته العديدة والمتنوعة. من بين هذا الإرث وهذا الأثر نذكر:

- مؤسسة توماس أديسون: هي مؤسسة غير ربحية تأسست في عام 1986م، وتهدف إلى تعزيز التعليم والابتكار والإبداع، والحفاظ على ذكرى أديسون وإنجازاته. تقوم المؤسسة بتنظيم برامج ومسابقات وجوائز لدعم المخترعين والطلاب والمعلمين في مختلف المجالات.

- متحف توماس أديسون: هو متحف يقع في مدينة فورت مايرز في فلوريدا، ويضم المنزل الذي عاش فيه أديسون مع زوجته الثانية مينا، والذي اشتراه في عام 1885م. يحتوي المتحف على مختبر أديسون الشهير، ومجموعة من اختراعاته وآلاته وبراءات اختراعه. كما يضم المتحف حديقة نباتية تزرع فيها نباتات استخدمها أديسون في تجاربه.

- جائزة توماس أديسون: هي جائزة تُمنح سنوياً من قبل مجلة التكنولوجيا الأمريكية (TIME)، للاحتفاء بأفضل الابتكارات والاختراعات في العالم. تُعد هذه الجائزة تكريماً لروح أديسون التي لا تقهر، وشغفه بالبحث والتجربة. تُقدَّم الجائزة في ثلاث فئات: ذهبية، فضية، وبرونزية.

 

الحياة العاطفية لـ أديسون

لم يكن توماس أديسون هو المنافس الوحيد لنيكولا تسلا في مجال الكهرباء، بل كان أيضاً خصماً له في الحياة العاطفية. فقد ذكرت بعض المصادر أن تسلا كان مغرماً بابنة أديسون، ماريون، وأنه حاول التقرب منها عندما كان يعمل في شركة والدها في نيويورك. لكن أديسون رفض هذه العلاقة وأجبر تسلا على الابتعاد عن ابنته.

على كل حال لم يتزوج تسلا أبداً ولم يُعرف له أي علاقات عاطفية مؤكدة. بعض المؤرخين يرون أنه كان منغمساً في عمله وأفكاره ولم يجد وقتاً للحب. بعضهم يقول أنه كان مثلي الجنس أو متحول جنسياً أو عقيماً. وبعضهم يزعم أنه كان على علاقة بالمغنية فرانشيسكا سافيلي، التي كانت تزوره في مختبره بانتظام.

أما أديسون فقد تزوج مرتين وأنجب ستة أطفال. زوجته الأولى هي ماري ستيلويل، التي تزوجها في عام 1871م وأصيبت بالسل والإدمان على المورفين وتوفيت في عام 1884م. زوجته الثانية هي مينا ميلر، التي تزوجها في عام 1886م وظل معها حتى وفاته في عام 1931م. كان أديسون يحب زوجاته وأطفاله، لكنه كان مشغولاً جداً بعمله ولم يقضِ معهم الكثير من الوقت.

 

غرائب وطرائف عن توماس أديسون

توماس أديسون هو واحد من أشهر المخترعين في التاريخ، ولكن هل تعلم أنه كان يكره النوم ويعتبره مضيعة للوقت؟ وأنه كان ينام فقط 3 ساعات في اليوم، وأحيانا يستغني عن النوم تماماً لمدة 72 ساعة متواصلة؟

كما أن توماس أديسون كان يحب القراءة كثيرا، وقد قرأ مكتبة بأكملها عندما كان طفلاً. فكان يقرأ كتباً عن الفلسفة والعلوم والتاريخ والأدب. وقد قال إنه لا يقرأ أي شيء للتسلية، بل فقط للتعلم.

هل تعلم أن توماس أديسون كان يجرب مئات الأشياء المختلفة لإيجاد مادة مناسبة لسلك المصباح الكهربائي؟ وأنه جرب حتى شعر زوجته وشاربه وأظافره؟ وأنه بعد 14 شهراً من التجارب، اكتشف أن خيط القطن المغطى بالفحم هو الأفضل لإطالة عمر المصباح.

 

توماس أديسون: إرث عظيم وتأثير لا ينسى

في هذا المقال، تعرفنا على سيرة ومآثر توماس أديسون، المخترع الأمريكي الذي غير وجه العالم بابتكاراته العظيمة في مجالات متعددة. رأينا كيف نشأ في بيئة بسيطة وتحدى كل الصعوبات والعقبات التي واجهته في طريقه نحو النجاح. تعلمنا أيضا عن أهم اختراعاته التي ساهمت في تطور الصناعة والاتصالات والثقافة والفنون، وكيف حصل على العديد من الجوائز والتكريمات من مختلف الدول والمؤسسات.

توماس أديسون هو مثال يحتذى به لكل من يسعى إلى تحقيق أحلامه وأهدافه بالإبداع والجهد والإصرار. هو رمز للعبقرية والابتكار والروح الريادية. هو إرث حي للبشرية وتأثير لا ينضب للحضارة. نأمل أن تكون قد استفدت من قراءة هذا المقال.

AYA BRIMO
بواسطة : AYA BRIMO
An electrical engineering student studying in the Department of Electrical Power Systems Engineering at Aleppo University Content Creator Working as CEO & EIC