نيكولا تسلا.. عالم ذكي ومجنون ولكن مظلوم!

هل تعلم من هو العالم الذي اخترع الراديو والروبوتات والريموت كنترول والمحركات الكهربائية؟ هل تعلم من هو العالم الذي ساهم في تطور الكهرباء والاتصالات والفيزياء بشكل ثوري؟ هل تعلم من هو العالم الذي تحدى توماس إديسون وجورج ويستنغهاوس وجي بي مورغان في حرب التيارات؟ إنه نيكولا تسلا، المخترع والفيزيائي والمهندس الصربي الأمريكي، الذي عاش حياة مليئة بالإبداع والغموض والجدل. في هذا المقال، سنتعرف على سيرته الذاتية، إنجازاته وأقواله، وسنكتشف لماذا يعتبر أحد أعظم علماء التاريخ.
 
نيكولا تسلا

من هو نيكولا تسلا؟

نيكولا تسلا هو ابن ميلوتين وجورجا تسلا، وهما من أصل صربي أرثوذكسي. ولد في قرية سميلجان بالقرب من غوسبيتش في الإمبراطورية النمساوية المجرية (الآن كرواتيا) في 10 يوليو 1856م. لديه أربعة أشقاء: دانييل، أنجيلينا، ماريتشا، وميلكا. تلقى تسلا تعليمه الأولي في مدارس القرية، ثم درس في مدرسة ريال في كارلوفاتس (الآن كارلوفتس)، حيث أظهر موهبة استثنائية في الرياضيات والفيزياء. في عام 1875، انتقل إلى غراتس لدراسة الهندسة الكهربائية في جامعة غراتس. هناك، بدأ اهتمامه بالتيار المتناوب والمحركات الكهربائية.

 

حياة نيكولا تسلا الشخصية والمهنية

لم يكن نيكولا تسلا مجرد عالم ومخترع، بل كان أيضاً رائداً ومبتكراً. في عام 1884م، هاجر إلى الولايات المتحدة، حيث عمل لفترة قصيرة مع توماس إديسون، الذي كان يدعم نظام التيار الثابت (DC). لكن تسلا كان مقتنعاً بأن نظام التيار المتناوب (AC) هو الأفضل لنقل الطاقة الكهربائية. فقد اخترع محرك AC الذي يعمل بالمغناطيس المتحرك، والذي أثار اهتمام جورج وستنغهاوس، الذي عرض على تسلا عقداً لتطوير نظام AC. في عام 1893، استخدم تسلا ووستنغهاوس نظام AC لإضاءة معرض شيكاغو العالمي، وهو حدث ضخم جذب الملايين من الزوار. كما فازا بعقد لبناء أول محطة لتوليد الطاقة من شلالات نياغارا. بهذه الطريقة، أصبح نيكولا تسلا اسماً مشهوراً في عالم العلم والتقنية، وأحد رواد الثورة الصناعية.

 

تحديات نيكولا تسلا وصراعاته مع المخترعين الآخرين

لم يكن نيكولا تسلا يخشى المنافسة أو الجدل. في مسيرته العلمية، واجه العديد من التحديات والصراعات مع المخترعين الآخرين، الذين كانوا يحاولون إثبات أفضلية أفكارهم أو الاستفادة من اختراعاته. أشهر هؤلاء كان توماس إديسون، الذي دخل في حرب تيارات مع تسلا على نظام نقل الطاقة الكهربائية. كما تنافس مع غوغلييلمو ماركوني، الذي ادعى أنه اخترع اللاسلكية، بينما كان تسلا قد سبقه في ذلك. وأيضاً مع جول باردان، الذي حصل على براءة اختراع للتوربينة، التي كان تسلا قد ابتكرها قبله. بالإضافة إلى ذلك، تعرض تسلا للخيانة من بعض شركائه ومموليه، مثل جورج وستنغهاوس وج. ب. مورغان، اللذين سحبا دعمهما من مشاريعه الطموحة. رغم كل هذه التحديات، لم يستسلم نيكولا تسلا للإحباط أو اليأس، بل استمر في البحث والابتكار حتى آخر أيام حياته.

 

إنجازات نيكولا تسلا العلمية والتقنية

نيكولا تسلا كان يمتلك عقلاً خلاقاً وخيالاً واسعاً. في حياته، اخترع العديد من الأجهزة والتقنيات التي غيرت وجه العالم، أو كانت ستغيره لو تحققت. من بين اختراعاته التي أبصرت النور، نذكر:

- محرك التيار المتناوب (AC)، الذي يستخدم في معظم المحركات الكهربائية الحديثة.

- مولد تسلا، الذي يولد شرارات كهربائية عالية الجهد والتردد، ويستخدم في البحوث العلمية والفنية.

- ملف تسلا، الذي يعمل كمحول كهربائي ومذبذب، ويستخدم في الإرسال والاستقبال اللاسلكي.

- مصباح تسلا، الذي يعمل بالبلازما ويستهلك طاقة قليلة.

 

أفكار نيكولا تسلا وأحلامه التي لم تتحقق

من بين اختراعاته التي لم تتحقق، نذكر:

- برج واردنكليف، الذي كان مشروعاً لإرسال طاقة كهربائية لاسلكية إلى جميع أنحاء العالم.

- راديو التحكم عن بعد، الذي كان يخطط لاستخدامه في توجيه قارب صغير عن بعد.

- راية السلام، التي كانت فكرة لإطلاق شعاع من الضوء إلى السماء لإظهار رغبة البشر في السلام.

- الموجات المغناطيسية، التي كان يزعم أنه اكتشفها وأنها تحمل معلومات عن الفضاء.

 

إرث نيكولا تسلا وأثره على الأجيال اللاحقة

نيكولا تسلا ترك إرثاً عظيماً للعلم والتقنية والإنسانية. اختراعاته وأفكاره ألهمت العديد من العلماء والمخترعين اللاحقين، الذين استمروا في تطويرها وتحسينها. بعض هؤلاء هم ألبرت أينشتاين، روبرت غودارد، أرثر سي كلارك، إيلون ماسك، وغيرهم. كما أثر تسلا على الثقافة الشعبية، حيث ظهر اسمه وصورته في العديد من الأفلام والروايات والألعاب والأغاني. بالإضافة إلى ذلك، تم تكريم تسلا بوضع اسمه على وحدة قياس المجال المغناطيسي في نظام الوحدات الدولي (SI)، وهي وحدة تسلا (T). كما تم تسمية سيارة كهربائية شهيرة باسم تسلا (Tesla)، تقديراً لدوره في تطوير التيار المتناوب. نيكولا تسلا هو مثال للعبقرية والإبداع والشغف بالعلم والتقدم.

 

نيكولا تسلا
نيكولا تسلا كما تخيله الذكاء الاصطناعي 

وفاة نيكولا تسلا

نيكولا تسلا عاش حياة طويلة ومليئة بالإنجازات، لكنه توفي وحيداً وفقيراً. في آخر سنوات حياته، انعزل تسلا عن العالم، وأصبح مهووساً ببعض الأفكار الغريبة، مثل الاتصال مع كائنات فضائية أو السيطرة على الطقس. كما أصبح يعاني من بعض الاضطرابات النفسية والجسدية، مثل الوسواس القهري والحساسية من الضوء والصوت. في 7 يناير 1943، توفي نيكولا تسلا في غرفته في فندق نيويوركر، عن عمر يناهز 86 عاماً. سبب الوفاة كان قصور القلب. عندما علمت الحكومة الأمريكية بوفاته، أمرت بمصادرة جميع ممتلكاته ومستنداته وأوراقه الخاصة، خشية أن تحتوي على أسرار علمية أو عسكرية. لم يحضر جنازته سوى بضعة أشخاص، ولم يتلقى التقدير الذي يستحقه من قبل العالم.

 

مصير أبحاث نيكولا تسلا بعد وفاته

ماذا حدث لأبحاث نيكولا تسلا التي صودرت بعد وفاته؟ هذا السؤال لا يزال محل جدل وتكهنات حتى اليوم. بعض المصادر تقول إن الحكومة الأمريكية قامت بفحص جميع المستندات والأجهزة التي كانت في حوزة تسلا، ولم تجد فيها شيئاً ذا قيمة أو خطورة. وبعد ذلك، أعادت معظمها إلى عائلته أو إلى متحف تسلا في بلغراد. بعض المصادر الأخرى تقول إن الحكومة الأمريكية استولت على بعض الأبحاث السرية والمهمة لتسلا، واستخدمتها في بعض المشاريع العسكرية أو العلمية، مثل مشروع هارب أو مشروع فيلادلفيا. وبعض المصادر الثالثة تقول إن تسلا كان قد أخفى بعض أبحاثه الأكثر خطورة وأهمية في أماكن سرية، ولم تستطع الحكومة الأمريكية الوصول إليها. وهكذا، لا يزال مصير أبحاث تسلا مجهولاً وغامضاً.

 

الحياة العاطفية لـ تسلا

نيكولا تسلا كان رجلاً عازباً طوال حياته، ولم يتزوج أو ينجب أبناء. ولكن هل كان لديه حياة عاطفية؟ هناك بعض الشائعات والادعاءات حول علاقات تسلا مع بعض النساء، مثل آن مورغان، ابنة المصرفي الشهير ج. ب. مورغان، أو كاثرين جونسون، سكرتيرته الخاصة، أو مارغريت ستورم، كاتبة ومحررة. لكن لا يوجد دليل قاطع على أن تسلا كان متورطاً عاطفياً مع أي منهن. بل على العكس، يبدو أن تسلا كان يفضل الابتعاد عن الرومانسية والزواج، ويركز على عمله وأبحاثه. في مذكراته، كتب تسلا أنه قرر التخلي عن الحب من أجل العلم، وأنه يعتبر نفسه "متزوجاً من الكهرباء". كما قال في إحدى المقابلات: "أحب العمل أكثر من أي شيء آخر في الحياة. ربما هذا هو سبب عدم تزوجي".

 

غرائب وطرائف عن نيكولا تسلا

نيكولا تسلا كان شخصية فريدة ومثيرة للاهتمام، وله بعض الغرائب والطرائف التي تعكس شخصيته وذكاءه. من بين هذه الغرائب والطرائف، نذكر:

- تسلا ولد خلال عاصفة رعدية في 10 يوليو 1856. عندما رأت الممرضة البرق، قالت: "هذا الطفل سيكون من أبناء الظلام". لكن والدته ردت: "لا، هو سيكون من أبناء النور".

- تسلا فكر في تقنية الهاتف المحمول والإنترنت اللاسلكي في عام 1901. كان يخطط لإرسال رسائل لاسلكية إلى جميع أنحاء العالم باستخدام برج واردنكليف، الذي لم يكتمل بناؤه. كما قال إنه استقبل إشارات من كائنات فضائية في مختبره في كولورادو.

- تسلا جعل مارك توين يتبرز بسبب تجربة زلزالية. دعا تسلا صديقه مارك توين إلى مختبره، حيث أظهر له مذبذب عالي التردد. طلب تسلا من توين الوقوف على منصة تحت المذبذب، وقال له إن ذلك سيحسن صحته. بعد دقيقة ونصف، هرع توين إلى الحمام بسبب اضطراب في أمعائه.

- تسلا كان يحب الحمامات، وكان يغسل يديه بشكل مفرط. كان يغسل يديه قبل كل وجبة، وأحياناً بعدها. كما كان يستخدم 18 منشفة في كل حمام. كان يعاني من الوسواس القهري، وكان لديه رقم مفضل هو 3. كان يحب أن يفعل كل شيء بمضاعفات 3، مثل المشي حول مبنى 3 مرات قبل دخوله.

 

نيكولا تسلا، رمز للعلم والتقدم والإنسانية

في هذا المقال، تعرفنا على نيكولا تسلا، العالم والمخترع العبقري الذي غير وجه العالم بإبداعاته وابتكاراته في مجالات الكهرباء والمغناطيسية واللاسلكية وغيرها. تعرفنا أيضاً على حياته الشخصية والمهنية، والتحديات والصراعات التي واجهها، والأفكار والأحلام التي لم تتحقق. وأخيراً، تعرفنا على إرثه وأثره على الأجيال اللاحقة، وبعض الغرائب والطرائف عن شخصيته وذكاءه. نيكولا تسلا هو رمز للعلم والتقدم والإنسانية، وهو يستحق كل التقدير والاحترام من قبلنا. نأمل أن يكون هذا المقال قد أثار اهتمامكم بنيكولا تسلا، وأن يكون قد ألهمكم لمعرفة المزيد عنه وعن إنجازاته.

شكراً لقراءتكم.





AYA BRIMO
بواسطة : AYA BRIMO
An electrical engineering student studying in the Department of Electrical Power Systems Engineering at Aleppo University Content Creator Working as CEO & EIC